بقلم علي الغنبوري
لا شك أن
الجزائريين لديهم قدرة مذهلة على تبني أي شيء ناجح ونسبه لأنفسهم، لدرجة أنك قد
تستيقظ ذات يوم لتجد أنهم أعلنوا أن الأهرامات الجزائرية هي الأصل، وأن برج إيفل
كان مجرد "زردة" أقامها جزائري مهاجر! واليوم، ها
نحن أمام "اكتشاف علمي جديد" مفاده أن غراندايزر جزائري، ومن خنشلة
بالتحديد.
يبدو أن اليابانيين كانوا مجرد وسطاء لنقل التراث الجزائري إلى العالم، وأن المخرج لم يكن سوى طالب مبتعث إلى خنشلة، أين استلهم قصة الروبوت العملاق من تاريخ المنطقة المجيد، وربما في مكان ما في متحف طوكيو توجد وثيقة سرية تتضمن شهادة منشأ غراندايزر تحمل علامة صنع في الجزائر، تحت إشراف وزارة المجاهدين.
لنحاول فهم
هذه النظرية العجيبة... فأول دليل على أن غراندايزر جزائري هو الوانه ، فبما أن
درعه يجمع بين الأحمر والأبيض ، فهذا يعني أنه نسخة متحركة من العلم الجزائري، أما الدليل القاطع الثاني فهو أن الدوق فليد يعيش
في المنفى بعد أن دمر كوكبه، تماما مثل الجزائريين الذين يصرخون منذ الاستقلال
أنهم يعانون من "الاستعمار الجديد"، رغم أنهم يحكمون أنفسهم منذ 60 سنة.
وبالحديث عن
المآسي، لا يمكننا أن ننسى مقولة
"بلد المليون شهيد"،
التي تحولت مع الزمن إلى بطاقة اشتراك مجانية في كل نقاش، يتم استحضارها حتى عندما
يكون الموضوع عن سعر الطماطم أو جودة الإنترنت، والآن لا شك أنهم سيضيفون إليها سطرا جديدا "بلد المليون شهيد… والمليون روبوت".
أما ماريا،
البطلة المساندة لغراندايزر، فهناك من يؤكد أنها مجرد نسخة متحركة من جميلة بوحريد
، لكن بنسخة فضائية، فحسب هذه النظرية، فهي بوحريد التي هربت من الاستعمار الفرنسي
في سفينة فضائية، ثم قررت العودة إلى الأرض لمساعدة غراندايزر ضد الاحتلال الفضائي، وهكذا، فجأة، يتحول غراندايزر إلى ملحمة
جزائرية، ويصبح الدوق فليد مجاهدا من جبل الأوراس، كان يحمل السلاح ضد الاستعمار
ثم تحول إلى كوكب آخر ليواصل النضال.
لكن هناك
مشكلة صغيرة في هذه النظرية: لو كان غراندايزر فعلاً جزائريا، لكان قد تعطل
بعد أول معركة، ولأضربت جميع قطع غياره احتجاجا على الأجور المنخفضة ،كما أنه بدل أن يصرخ: "سبايزر
انطلق"، لكان قد قال: "سبايزر سير تنحى، البلاد ما بقاتش كاع!"
ثم ماذا عن الدكتور آمون، الذي يقود مركز الأبحاث الفضائية؟ لا
بد أن يكون هو الآخر مدير شركة عمومية جزائرية، يوقع القرارات في الصباح ويشرب
القهوة حتى المساء، في انتظار أوامر من "شنقريحة".
لا يمكننا أن
نلوم الجزائريين على هذا الادعاء الغريب، فهم نفس الأشخاص الذين سبق لهم أن قالوا
إن الاهرام بناها الجزائريون ، و ان جبل توبقال جزائري تم نقله الى المغرب ، وإن الفينيقيين جزائريون رغم أنهم جاؤوا من
لبنان، وإن كأس العالم 1982 سرقت منهم و ان ايكيمبي عميل للماسونية ضد صعودهم للمونديال
، فلا غرابة إذن أن يقولوا إن غراندايزر جاء من خنشلة، أو أن اليابانيين "سرقوا" الفكرة منهم كما سرق الفرنسيون
خيرات البلاد، و
ربما في المستقبل سنكتشف أن سوبرمان كان
في الأصل اسمه "سعيد مان"، وأن بيتهوفن تعلم الموسيقى من راقصة جزائرية،
وأن الكرة الأرضية نفسها وجدت لأول مرة في تلمسان.
