مطالب مرفوعة الى راس المال الوطني




كثيرون هم من يحصرون ادوار رأس المال الوطني  في خلق الثروة و النهوض بالاقتصاد الوطني و جعله قادرا على المنافسة ،و على ضمان السيادة الاقتصادية الوطنية ، في اغفال تام لقيم المواطنة التي يجب ان تؤسس لفعله .


راس المال الوطني ليس فقط اثرياء و اصحاب مال ، يستثمرون و يوظفون اموالهم و يخلقون ثروة متراكمة و يأسسون لمنظومة اقتصادية دون انعكاسات اجتماعية ، بل راس المال الوطني يجب ان يتحلى بقيم المواطنة ، و ان يفهم رهانات و تطلعات الوطن ، و ان يساهم في اقتسام الثروة ، و توفير سبل الرفاه و الازدهار للمجتمع برمته .


فخلق الثروة دون اقتسامها بشكل عادل بين أفراد المجتمع ، ما هو الا شكل من اشكال الاستبداد و التعسف و الاستغلال المقيت للوطن و لمقدراته ، و توظيف انتهازي للمال في سبيل الرفاه الشخصي و الاناني .


صحيح ان التقدم و الازدهار الاقتصادي و الاجتماعي ، لا يمكنه ان يتحقق ، الا في ظل وجود راس مال وطني قوي و قادر على المنافسة داخليا و خارجيا ، لكن هذا  الشرط لا يمكنه ان يكون على حساب التوجهات الاجتماعية التي يجب ان تتصدر اولويات  راس المال الوطني .


الفرق بين راس المال الاجنبي و الوطني ، يكمن بالاساس في قدرة هذا الأخير في الانخراط القوي في تأسيس منظومة اقتصادية قادرة على استحضار المعطيات الاجتماعية للوطن ،و على تسهيل عملية اقتسام الثروة على أكبر عدد من أفراد الوطن ، بشكل يضمن كرامتهم و رفاهيتهم .


ليس المطلوب من راس المال الوطني الامتناع او الإحجام عن الاغتناء، لكن المطلوب منه هو الابتعاد عن استغلال مقدرات الوطن المالية و البشرية ، و تسخيرها لمراكمة الثروة بشكل فردي و اناني ، دون اي استحضار للبناء المشترك للوطن .


ان التقدم و الرفاه الذي ينشده المغرب ، و المخططات و البرامج المتعددة التي يطلقها ، لا يمكنها أن تتحقق ، في ظل غياب حس المواطنة عند راس المال الوطني ، و سعيه الشره نحو المراكمة الفردية للثروة ، و في ظل التفقير الممنهج الذي يؤسس له اتجاه أفراد الوطن .


راس المال الوطني يجب أن يؤسس لفعل استثماري عادل ، يجعل من التنمية الاجتماعية و الاقتصادية للعاملين ركيزة أساسية من ركائزه ، فبدون أمان اجتماعي و اقتصادي للعاملين لا يمكننا ان نبني اقتصادا قويا ذو انعكاسات مباشرة على المنظومة الاجتماعية الوطنية ، و سنظل حبيسي تفاوتات اجتماعية عميقة ، تهدد استقرار الوطن .


لا يمكننا الاستمرار في ظل منظومة اقتصادية ، يعتبر فيها راس المال الوطني ، ان مجرد استثمار المال داخل الوطن ، يجعله فوق الوطن نفسه ، و يبرر كل التجاوزات التي يقوم بها  ويشرعن  التنصل من مسؤولياته الوطنية ، الممثلة أساسا في خلق الثروة و اقتسامها بشكل عادل بين كل أفراد الوطن .


مطالبة راس المال الوطني ،بالمساهمة في خلق الرفاه الاجتماعي ، لا يعني اجباره على تقديم الصدقة،  بل هي مطالبة بعدم الاستغلال  افراد المجتمع و عدم مراكمة الثروة بشكل فردي و اناني ، و بعدم انهاك المنظومة الاجتماعية الوطنية ، و بااتوجه نحو تأسيس فعل اقتصادي أكثر عدلا و اكثر وطنية .




إرسال تعليق

أحدث أقدم