علي الغنبوري
خلدت الجزائر قبل ايام عيد استقلالها الستين ، باحتفال عسكري "ضخم" ، اخرجت خلاله عتادها و عدتها العسكرية للاستعراض امام مجمموعة من الشخصيات و القيادات الافريقية و العربية ، التي تم استدعاؤها لتأثيث المنصة الشرفية لهذا الحفل .
بغض النظر عن كل الأسئلة التي يمكن أن تطرح حول قدرات الجزائر العسكرية التي تم استعراضها خلال هذا الحفل ، و عن جودتها و عن نوعيتها ، فإن النقاش الحقيقي هو حول الرسائل التي يريد النظام الجزائري إرسالها من خلال هذا الاستعراض العسكري ،و عن نوعية الحضور الذي شاهد و عاين هذا الاستعراض .
الجزائر اختارت الاحتفال باستقلالها عبر السلاح و العسكر ، و لم تخرج عن طبيعة النظام الذي يحكمها ، و لم تبتعد عن العقيدة الصدامية و العنيفة التي تحكمها ، فالجزائر لا تتفاخر بالتنمية و بالتطور الذي من المفروض انها اسست له منذ استقلالها ، بل اختارت لغة السلاح و العنف كتجسيد حي و حقيقي للواقع الشمولي الذي شيدته و بنته منذ استقلالها .
الجزائر اختارت تموقعها بشكل واضح ، عبر قيادات إفريقية و عربية فاقدة للشرعية ، و متورطة في قمع شعوبها ، و معزولة داخليا و دوليا ، فنظام العسكر الجزائري قدم نفسه للعالم كجزء من منظومة القمع و الطغيان و التسلط الدولية ، فهي لم تستطع اقناع اي دولة ديمقراطية او مؤسسة دولية لحضور احتفالاتها ، مما يوضح حدة العزلة التي تعاني منها على المستوى الإقليمي و الدولي .
للاسف الجزائر الغنية بثرواثها الطبيعة و قدراتها البشرية ، اتجهت منذ استقلالها ، لبناء نظام عسكري شمولي ، اضاع على البلاد سنوات كثيرة من التطور و الازدهار ، و ادخلها في أزمات لا متناهية ، حملت في كثير من الأحيان توجهات دموية ،استنزفت مقدرات الشعب لصالح طغمة عسكرية فاسدة ، تقتتل باستمرار فيما بينها ، و ترهن مستقبل الشعب الجزائري .
الجزائر أكدت للجميع و بعد مرور 60 سنة على استقلالها ، انها لم تستطع بناء دولة مدنية ، و ان كل ما استطاعت فعله هو بناء نظام عسكري فاسد بدون اي أفق و بدون اي توجهات للتطور و النمو و الازدهار ، في تغييب تام للشعب الجزائري و كفاءاته و طاقاته المختلفة .
الجزائر اليوم متخلفة على جميع الأصعدة ، اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا ، و تحتل مراتب متأخرة على مستوى كافة المؤشرات الدولية للنمو و التعليم و الصحة و الصناعة ، حيث توجد الجزائر في المرتبة 117 في المؤشر العالمي لمكافحة الفساد ، و المرتبة 119 في مؤشر جودة التعليم ، و تبلغ نسبة الفقر ازيد من 35 في المئة من نسبة السكان .
هذه المؤشرات و هذا الإفلاس ، يبرز بشكل جلي لماذا اختارت الجزائر الاحتفال باستقلالها ، عبر استعراض عسكري ، فهذا النظام الهش لا يملك اي حصيلة و لا اي أفق و لا اي منجزات يقدمها للشعب الجزائري و العالم ، باستثناء عنجهية عسكرية عتيقة و متجاوزة على كافة الأصعدة .
60 سنة من استقلال الجزائر ، كرست لتغول نظام عسكري متخلف ، حول الجزائر الى واحة للفساد و الارهاب في حق الشعب الجزائري ، و ادخل المنطقة برمتها في دوامة قلق و توتر مستمر ، لن يزول الا بزوال هذا النظام الشاذ .
