علي الغنبوري
في خرجة إرتدادية و موجهة بعناية ، اطل علينا السيد هشام المهاجري النائب البرلماني عن حزب الأصالة و المعاصرة ، عبر بوابة القناة الاولى ، يرغد و يزبد في وجه المعارضة ، واصفا ايها بالاقلية التي لم تستطع ممارسة المعارضة ، و انها تردد اسطوانة مشروخة متعلقة بارتفاع الاسعار و علاقة السلطة بالمال.
السيد المهاجري لم يكتفي بهذا القول ، بل دار على موافقه دورة كاملة بسرعة قياسية ، واصفا امتلاك رئيس الحكومة لاحدى كبريات شركات المحروقات بسوء الفهم الكبير ،و ان الدولة اكبر من الشخص و ان للبيت رب يحميه .
طيب لن أجادل كثيرا في تغير مواقف السيد المهاجري ، التي يبدو أنها باتت تخضع لمنطق "الرأس اللي ما يدور كدية "، و لكن يتوجب تذكير السيد المهاجري بمجموعة من النقط التي يبدو انه يريد قسرا نسيانها ، او يراد له ان يغمض عينيه عليها ، و يطلق للسانه العنان اتجاه الكل .
صحيح ان المعارضة اقلية ، لكنها أقلية من المنبع ، فهي مثل الموظف الذي اقططع من راتبه من المنبع " à la source" بمعنى اوضح فهذه المعارضة التي صارعت المال و التغول اثناء الانتخابات هي من اقتطع من رصيدها الانتخابي لتسمين حزب كان يطلق عليه في الامس القريب "الوافد الجديد " ، و الذي يبدو ان السيد المهاجري يريد ان يمحو من ذاكرته اصل و فصل الحكاية .
اما فيما يتعلق بالاسطوانة المشروخة المتعلقة بتداخل المال و السلطة ، التي وصف بها السيد المهاجري المعارضة ، فهنا لا بد من القول للرجل "باسم الله عليك " ، فهو ينتمي الى حزب أسس مشروعه الانتخابي من أوله إلى اخره على هذه النغمة ، حتى ان امينه العام وصف رئيس الحكومة الحالي بالقطاطعي و الفاسد وووو ، و طالبه بارجاع 17 مليار الى خزينة الدولة .
و لان السيد المهاجري " ما في قلبو عجب" ، فإنه اليوم يسمي ما كان ينشده حزبه و يردده أتباعه او الذين جروا جرا الى هذا الحزب ، بسوء الفهم الكبير ، و عوض مطالب ارجاع الأموال بات مسمار جحا هو الحل ، و أصبحت المطالب بتوضيح تداخل المال بالسياسة فشل سياسي .
السيد المهاجري ، الذي يرى امام عينيه التعسف و التغول الذي تمارسه اغلبيته الحكومية ، اتجاه المعارضة داخل المؤسسة البرلمانية ، من خلال السطو على حقها في المراقبة و الرصد و التشريع ، بالاستناد الى أغلبية عددية يعرف القاصي و الداني كيف صنعت و كيف اخضعت المؤسسات و المجالس المنتخبة الى منطق الوزيعة فيما بينها ، يريد اليوم من هذه المعارضة أن تتحول الى صانعة فرجة داخل المجال السياسي المغربي .
السيد المهاجري الذي تحول الى مدون و مؤثر في شبكات التواصل الاجتماعي ، بلغة العربدة ، يريد من المعارضة أن تكون كثيرة الضجيج قليلة الفعالية ، أن تأخد منحى المزايدة او "تقطاع الحوايج" او " المدابزة ديال الحمامات " و ان تتحول الى معارضة للبوز ، و ان تسير في ركب الشعبوية التي اصبح يرمز لها كنجم من ورق .
السيد المهاجري يصف المعارضة بأنها عاجزة عن ممارسة المعارضة ، و كان الحكومة ناجحة في تسير الشان العام ، و كأنه لم يصف هذه الحكومة هو بشحمه و لحمه ، بالفساد المقرون بالغباء ، و بالتدبير العبثي و الهاوي للملفات و البرامج الاستراتيجية .
السيد المهاجري الذي يبدو و انه همس له في اذنيه بإعادة توجيه مدافعه الكلامية ، اتجاه المعارضة و مواقفها الوطنية التي بدأت تزعج ، لم يسائل نفسه عن مصير ميثاق الأغلبية و عن فشل مكوناتها في الاجتماع مع بعضهم البعض ، و عن نزع الملفات من وزارة لفائدة وزارة اخرى ، و عن الترشقات الإعلامية الحاصلة بين أحزابها ، و عن حالة الاحباط التي عبر عنها الامين العام لحزبه .
ما يجب ان يفهمه السيد المهاجرين جيدا ، ان المعارضة اليوم هي نتاج تغول و ارتداد و هندسة مختلة للتركيبة الحكومية ، التي كان حزبه احد اسبابها البارزة ،لكنها تمارس دورها بكل مسؤولية و بوطنية مطلقة ، بعيدا عن منطق "التحياح" الذي يعتبره السيد المهاجري و حزبه الاساس المتين للعمل السياسي .
