الدولة الاجتماعية كأساس للمعارضة

 


صرح الاستاذ ادريس لشكر في كلمته خلال الدورة الأخيرة للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ،  ان شعار الدولة الاجتماعية و الدولة القوية العادلة الذين كانا من بين ابرز التوجهات  التي أعلن عنها  الاتحاد خلال الاستحقاقات السابقة ،  لازالا يحملان من الراهنية ما يجعلهما صالحين  لهذه المرحلة السياسية ، و ان الحزب غير مطالب بتغير تصوراته السياسية ، بل هو مطالب بالاستقرار في الدفاع عنها و التشبث بها .


قد يرى البعض ان هذا التوجه ، لا يستقيم مع الموقع الحالي للاتحاد الاشتراكي داخل المعارضة ، خاصة في ظل تبني الأغلبية الحكومية لهذه التوجهات ، و تجسيدها في برنامجها الحكومي ، و ان الاتحاد اليوم مطالب بتغير رؤيته و خطه السياسي، مع ما يترتب عنه من تغير في الاولويات و التوجهات السياسية، التي تجعله يقود معارضة حقيقية و قوية ، تمكنه من كسب الرهانات المقبلة .


لكن ما يسقطه هؤلاء ، من معادلة الاتحاد السياسية ، ان التوجه الديمقراطي الاجتماعي ، هو اساس مرجعية الحزب ، التي ظل لسنوات طويلة  يحمل لوائه لوحده ، داخل المشهد السياسي المغربي ، و الاتحاد الاشتراكي غير مطالب بالتنكر لمرجعيته و توجهاته و قناعاته ، لمجرد أن هناك من أصبح يتبنى أطروحته السياسية ، و يحاول السطو عليها ، بمعنى ان الاتحاد ، هو حزب سياسي متجدر و صاحب برنامج مجتمعي غير قابل للتغيير او التبديل وفق المواقعه .


استمرار الاتحاد في التشبت بقراءته لمتطلبات المرحلة السياسية ، و ما يحتاجه المغرب ، من طرح سياسي قائم على ضرورة تحقيق الانتقال الاجتماعي الحقيقي ، الذي يمكن من تحصين الفضاء المجتمعي المشترك ، و تقوية الدولة ، و تمكينها من كسب الرهانات و التحديات التي تتطلع اليها البلاد برمتها ، هو اولا  تشبت بهوية الحزب و بمصداقيته السياسية، و ثانيا  هو تشبت بحماية هذا الطرح و صيانته من اي تحريف او تلاعب قد يطاله .


ما أبدته الحكومة الحالية من تردد و ضعف في بلورة التوجهات الاجتماعية ، التي تشكل الانتظار الابرز لدى كافة مكونات الشعب المغربي ، و الاساس المتين لتنزيل مقومات الدولة الاجتماعية ،  يجعل الاتحاد اليوم في موقع الحزب القوي برؤيته و تصوراته الاجتماعية الحقيقية ، و يمكنه كذلك من الدفع بطروحاته و توجهاته بكل قوة الى المجتمع، قصد ابراز حقيقة هذه التوجهات ، و منع النكوص و التحريف الذي تتعرض له .


خطاب الاتحاد الاشتراكي اليوم ، داخل المعارضة ، لا يجب ان يخرج عن دائرة الخط السياسي الحالي ، القائم على سعيه القوي نحو تحقيق التناوب الاجتماعي ، كأفق سياسي جديد ، يكمل دورات الانتقال التي عرفها المغرب ، و الذي سيمكن لا محالة من خلق التوازن الاساسي في معادلة البناء الوطني ، و جعله أكثر جاذبية و اكثر مناعة و تحصين .


الإتحاد الاشتراكي ، مطالب اليوم بممارسة معارضة قوية ، كما قال كاتبه الاول " لا تعرف لا مهادنة و لا تجاوز " ، معارضة  تحمي التوجه الديمقراطي الاجتماعي من الانحراف و التشويه ، و تفتح الطريق نحو فرض بناء ديمقراطي اجتماعي حقيقي ، يضمن للمغاربة سبل العيش الكريم،  و يمكنهم  من المساهمة القوية في كل مراحله .


إن اي مطالب او دعوات ، تسير في اتجاه دفع الحزب الى التخلي عن قراءته للوضع السياسي المغربي ، لن تكون الا دفع حقيقي للحزب نحو التخلي عن  مكتسباته السياسية التي حققها ، و لن تجعله الا فاقدا لمرجعيته و لمصداقيته ، و ستدخله بلا شك الى مرحلة من التيه السياسي ، الذي قد يضعف به على كل المستويات .


ما طرحه الاتحاد الاشتراكي و قيادته ، من رؤية سياسية ، و قراءة للوضع السياسي المغربي ، انطلاقا من الحاجة الملحة للتوجه الديمقراطي الاجتماعي كأساس للبناء المؤسساتي و المجتمعي ، لم يفقد راهنيتهو ضرورته  ، بل بالعكس فهو يكتسب يوما بعد يوم مساحات اكبر و ضرورة قصوى ، لا يمكن تعويضها بطروحات و بتوجهات نكوصية غير مؤمنة و غير مدركة لعمق هذا الاختيار .


معارضة الاتحاد الاشتراكي ، اليوم تستمد قوتها و شرعيتها ، من القراءة الصحيحة للحزب للوضع السياسي ، و من راهنية كل الشعارات و الافكار التي وضعها الحزب على طاولة النقاش السياسي و المجتمعي المغربي ، و تشبت الحزب بها هو انتصار لمرجعيته و للامل في بناء الوطن الذي يعتز كل أبنائه بالانتماء اليه ، انطلاقا من عناصر إجماعه ، و قوة و عدالة دولته .

إرسال تعليق

أحدث أقدم