يبدو ان قيادة حزب العدالة و التنمية و على رأسها عبد الاله بنكيران ، لا تريد أن تقتنع ، ان حزب الأصالة و المعاصرة ، هو حزب ضمن الأغلبية ، يقود إلى جانب حزبي التجمع و الاستقلال الحكومة الحالية ، و ان موقع الحزب في المعارضة ، يقتضي منه توضيح موقفه .
فلا احد يمكنه ان يفرض على العدالة و التنمية مواقفها ، لكن الجميع يطالبها بالوضوح اتجاه الحكومة الحالية ، فلا مجال اليوم للاستمرار في اللعب على الحبلين ، و التشويش المتعمد على المعارضة ، فإذا كان حزب العدالة و التنمية ، يريد العمل على الحفاظ على علاقاته و مصالحه مع حزب الأصالة و المعاصرة فهذا حقه و شأنه ، لكن هذا الامر لا يمكنه ان يشكل عنصر التفاف على المعارضة و الطعن في مكوناتها ، و التوافق التام مع أجندة حليفه الحكومي ، الطامح الى تمييع الحياة السياسية .
حزب العدالة و التنمية و امينه العام الجديد القديم عبد الاله بنكيران ، الذي نسي كل ما جرى بينه و بين حزب الأصالة و المعاصرة ، من صراعات و ضربات و سب و شتم علني ، وصل الى حد اتهام بنكيران للأصالة و المعاصرة بالحزب المافيوزي ، يسعى اليوم و بكل قوة الى الحفاظ على التنسيق الموثق الذي جمعه مع هذا الحزب قبل الانتخابات الأخيرة ، بل انه يسعى الى توفير كل الشروط و الظروف المناسبة لخدمة هذا التحالف الغريب .
ظهور هذا التوجه لدى العدالة والتنمية ، بدى واضحا منذ اليوم الاول لعودة ابن كيران لقيادة الحزب ، و توجيهه لاعضاء حزبه بالامتناع عن معارضة الحكومة ، و انخراط فريقه البرلماني في المعارضة الإنتقائية ، التي تستثني كل ما يتعلق بوزراء الأصالة و المعاصرة ، من النقد او المسائلة ، هذا بالإضافة إلى خطابات الغزل المتبادلة بين قيادة الحزبين .
تداخل العدالة و التنمية و تقاطعه مع حليفه الأصالة و المعاصرة ، سيمتد الى قلب المعارضة و مكوناتها ، حيث بات الهجوم على الاتحاد الاشتراكي ، واجهة تلتقي فيها ارادة الحزبين المتحالفين ، باعتباره القوة السياسية الأولى داخل المعارضة ، و باعتبار كذلك المواجهة القوية التي ابداها الحزب اتجاه الحكومة و قراراتها و توجهاتها .
وضوح الاتحاد الاشتراكي ، و جهره بمواقفه من تشكيل الحكومة الحالية ، و موقع الأصالة و المعاصرة داخلها ، و تأكيده على خطه السياسي الجديد المبني على المعارضة القوية و الموضوعية للحكومة ، الرافضة لاي تحريف لمفهوم الدولة الاجتماعية ، و تصديه لاي تنصل من الالتزامات التي قدمتها الحكومة ، جعل محور الأصالة و المعاصرة و العدالة و التنمية ، يكشر عن أنيابه ، و يخرج الى العلن توجهاته النكوصية ، التي فرضت على المغرب و طيلة عقد من الزمن ثنائية قطبية قاتلة ، كادت تعصف بكل الرهانات و المشاريع القوية للبلاد .
بنكيران ، الطامح الى تجاوز الهزيمة الانتخابية المدلة ، يسعى جاهدا الى تطبيع وجود حزبه و الحفاظ على استمراريته ، عبر بوابة خدمة اجندات حزب الأصالة و المعاصرة ، الساعي الى البحث عن شرعية سياسية تثبت أقدامه داخل المشهد السياسي المغربي ، و تساعده على تجاوز خطيئة النشأة ، بالعمل على استمرار منطق التشويش و ضبابية الساحة السياسية ، و منع اي منطق ساسي واضح يعيد الاعتبار للساحة السياسية ، و يمكن المواطن المغربي من خلق الفرز المجتمعي .
التهجم المزدوج من طرف الأصالة و المعاصرة و العدالة و التنمية على الاتحاد الاشتراكي ، لم يعد يثير الإستغراب لدى الحزب ، فهو يدرك بشكل كبير الغايات و المنطلقات المحركة و الموجهة له ، و يعمل بشكل واضح و منسجم مع قناعاته و مواقفه على بلورة توجهاته من قلب موقعه داخل المعارضة ، لمواجهة أي ردة أو نكوص يستهدف مكتسبات الشعب المغربي ، و يعمل على تسفيه و تمييع الحياة السياسية المغربية .