الإتحاد الاشتراكي..تجديد الإستمرارية




علي الغنبوري

يعيش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، على وقع التحضير لمؤتمره الحادي عشر ، الذي اعطى المجلس الوطني انطلاقته، في دورته الأخيرة ، مؤتمر ينتظر منه ان يأسس لمرحلة جديدة ، عنوانها العريض الاستمرار في تقوية الحزب ، و تأهيله سياسيا و تنظيميا ، للعب أدواره داخل المجتمع و الوطن .


صحيح ان سياق المؤتمر الوطني ، ياتي في اطار سيرورة تنظيمية عادية ، لكنه في المقابل يأتي في ظل وضع حزبي و سياسي استثنائي ، يتميز بالتطور الملموس الذي عرفه الحزب ، إن على الصعيد الانتخابي او السياسي أو التنظيمي ، فالحزب الذي عاش لفترة طويلة على وقع أزمة تنظيمية مؤلمة ، استطاع ان يخرج منها و ان يقوي وجوده الانتخابي ، و ان يفرض نفسه سياسيا ، من خلال رؤيته و موافقه السياسية الواضحة و النابعة من التعاطي السليم مع مرجعيته الحداثية و الديمقراطية .


هذا النسق المتطور و التصاعدي  الذي يعيشه الحزب اليوم ، يطرح سؤالا مركزيا على الاتحاديات و الاتحاديين ، حول قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، و ما هي الاختيارات الصائبة التي يمكنها أن  تبقي على تفوقه و خطه التصاعدي ، و ان تسير في نفس التوجه و الطرح التنظيمي و السياسي ، الذي اثبت للجميع قدرته على انتشال الحزب من براثن الأزمة و الموت .


الجواب على هذا السؤال ، لا يمكنه ان ينطلق من مقاربات عاطفية او دوافع انتقامية و ذاتية ، بل يجب ان يتأسس على قاعدة المعطيات و النتائج الملموسة التي عاشها و يعيشها الحزب ، بالارتباط مع محيطه الحزبي و السياسي ، و مدى قدرته على انتاج فعل سياسي ناجع و ناجع سياسيا و مجتمعيا .


ما تحصل عليه الحزب خلال الانتخابات الأخيرة ، و ما انتجه من مواقف سياسية واضحة و منسجمة مع قناعاته و مرجعيته السياسية و الفكرية ، و استمراره في الحفاظ على نفسه كمؤسسة حزبية قائمة الذات ، يجب ان يحسب في خانة النجاح الباهر للقيادة الحزبية الحالية و على رأسها الكاتب الاول للحزب ، خاصة في ظل حالة النفور التنظيمي  و الاستهداف السياسي و الاعلامي  القوي الذي اشتغلت في ظله طيلة المرحلة الماضية.


استمرار القيادة الحالية و نهجها التصاعدي  ، مرتبط بوجود المسؤول الاول عنها و مشروعه التنظيمي و السياسي ، و اقرار و تثبيث لهذا النهج الذي قاد الحزب الى بر الامان ، فالاتحاد الاشتراكي اليوم محتاج اكثر من اي وقت مضى الى الاستقرار التنظيمي و السياسي ، و محتاج كذلك لاستكمال ورش التفوق و العودة لطليعة المشهد السياسي المغربي .


استمرار التعاقد التنظيمي و السياسي الحالي داخل الحزب ، لا يعني ان الاتحاد غير قادر على تجديد قيادته ، او انه اصبح عقيما تنظيميا ، بل بالعكس فالحزب يريد ان يضمن تطوره و نهضته و يريد ان يؤمن مستقبله في ظل استمرارية قيادته و تجديد هياكله و نخبه ، بكل هدوء و تبصر .


هذه الإستمرارية و ان كانت ذات بعد تنظيمي ، فإنها كذلك تحمل كل المؤشرات السياسية الصالحة للمرحلة الحالية ، خاصة في ظل راهنية و استمرار جاذبية و قوة ، الافكار السياسية التي طالب بها الاتحاد الاشتراكي في المرحلة السابقة ، و من أهمها ، الدولة الاجتماعية ، و الديمقراطية الاجتماعية ، خاصة في ظل التحريف و السطو الذي تتعرض له .


اختيار الاتحاديات و الاتحاديين لقيادتهم خلال المؤتمر المقبل ، لا يمكنه ان يتم عبر السطو على مجهودات من قاد الحزب و تحمل كل الضربات التي وجهت له بدون تردد او تواري او تنصل من المسؤولية ، فهذا الاختيار يجب ان يكون واقعيا و واضحا و منصفا ، و لا يجب أن يتجه نحو خلق قيود تنظيمية و مسطرية متجاوزة امام إرادة الاتحاديات و الاتحاديين نحو تكريس قوة حزبهم .


توجه الاتحاديات و الاتحاديين نحو المؤتمر ، يجب ان يكون توجه نحو تجديد الإستمرارية ، و تقوية التعاقد الحالي ، و فرض اختيار تقوية الحزب ، و ضمان استقراره التنظيمي و السياسي ، و خلق الافق الذي يقوي موقع الحزب داخل الساحة السياسية ، و يكثف الشرعية التنظيمية التي قادت الحزب الى الخروج من الأزمة و التفوق السياسي . 


 

إرسال تعليق

أحدث أقدم