حكومة اخنوش و البداية المقلقة


 


علي الغنبوري 

من المؤكد ان قصر مدة  الزمن السياسي لحكومة اخنوش ، لا يسمح بتكوين صورة مكتملة عن عملها و عن توجهاتها الإصلاحية ، و قدرتها على الوفاء بالوعود العديدة التي تضمنتها البرامج الانتخابية للاحزاب المشكل لها ، و التي حمل جزء كبير منها البرنامج الحكومي ، لكن هذا لا يمنع من استحضار بعض المؤشرات المقلقة ، التي حملتها انطلاقة عمل هذه الحكومة .

السقف العالي من الطموحات و النواياج الإصلاحية و البرامج الاجتماعية و الاقتصادية ، التي روجت لها مكونات الأغلبية الحكومية ، رفعت من حجم الانتظارات و الامال  في الشارع المغربي ، وجعلتها تحمل طابع الاستعجال في التنفيذ ، خاصة في ظل التصريحات المتعددة للمسؤولين في هذه الحكومة ، التي أكدت على آنية التنفيذ ، و على سرعة انعكاس الأثر على الشعب .

بداية عمل الحكومة، و عكس المتوقع ، حملت مؤشرات مقلقة حول التزاماتها المتعددة ، و حول توجهاتها الحقيقية  نحو الاصلاح ، و دفعت الى زيادة مساحة الشك ، حول تحقيق النجاح ، و على الدفع بعجلة التغيير ، بما يقوي الوطن و يجعله قادرا على كسب مختلف التحديات و الرهانات التي تنتظره .

اول هذه المؤشرات ، حملها الارتباك الذي حصل في تعيين وزيرين في اقل من اسبوع في قطاع استراتيجي و اساسي كوزارة الصحة ، بالإضافة إلى مشروع قانون المالية، الذي زاد الامور غموضا ، في ظل التراجع الكبير الذي حملته ارقامه ، و التي خفظت الطموحات الاجتماعية و الإصلاحية الى مستوياتها الدنيا .   

 مؤشر اخر مقلق، يتجسد في الزيادات الصاروخية في أسعار مختلف المواد الاستهلاكية ، اتساع دائرة القلق ستزداد كذلك  ، مع التدبير المتسرع و المرتبك للحكومة لملف جواز التلقيح ، مع اقرارها لالزاميته بشكل مستعجل و قسري ، دون اي تنسيق او تهيء قبلي ، مما خلق اضطراب غير مبرر في عدد من القطاعات الاقتصادية و التجارية ، و أعاد نقاش الحقوق و الحريات الى مربعه الاول ، خاصة مع المقاربة الأمنية التي واجهت بها الحكومة الرافضين لهذا الإجراء .

ضبابية بداية عمل الحكومة الجديدة ، سيتضح بشكل كبير ، على مستوى الواجهة البرلمانية ، مع الحجر غير المفهوم على حق المؤسسة البرلمانية في نقاش و مراقبة مشروع قانون المالية ، حيث ضيعت الحكومة  بشكل غير مفهوم على ممثلي الأمة 10 ايام من الزمن الذي يمنحه لهم الدستور لممارسة ادوارهم الرقابية فيما يخص هذا القانون .

مؤشرات القلق من عمل هذه الحكومة ، ستفرض نفسها بشكل اكبر  ، امام غياب الانسجام بين مكونات الأغلبية ، حيث شكل البرلمان مسرحا للتنافر الحاصل بين هذه المكونات ، من خلال المداخلات و التعقيبات الرافضة و المعارضة لمجموعة من اجراءات و مبادرات الحكومة ، من فرق من داخل الأغلبية نفسها .

حتى التواصل الذي حاولت الاغلبية الحكومة خلال مرحلة تشكيلها ، يشكل اليوم عنصر قلق كبير ، في ظل الضعف و الضبابية ، التي تميز خرجاتها الإعلامية ، و الامتناع و الصمت عن تقديم التوضيحات و التفسيرات لعدد من القرارات و الاجراءات التي تتخدها .

للاسف بداية عمل الحكومة الجديدة ، تطرح عدة أسئلة حول توجهاتها  ، و تكرس لحالة من الشك و القلق حول قدرتها على الوفاء بتعهداتها و التزاماتها ، و قدرتها  كذلك على التماسك و العمل الناجع و مباشرة الإصلاحات الضرورية ، لتحقيق شروط الدولة الاجتماعية التي جاءت في برنامجها الحكومي .



إرسال تعليق

أحدث أقدم